إعلان 10

الجمعة، 8 يوليو 2016

سعيد بن سالم الباهلي مع الفضل وجعفر

قال سعيد بن سالم الباهلي: اشتد بي الحال في مرض هارون الرشيد واجتمع عليَّ ديونٌ كثيرةٌ أثقلت ظهري وعجزت عن قضائها، وضاقت حيلي، وبقيت متحيرًا لا أدري ما أصنع حيث عسر عليَّ أداؤها عسرًا عظيمًا، واحتاطت ببابي أرباب الديون، وتزاحم عليّ المطالبون ولازمني الوفاء، فضاقت حيلي وازدادت فكرتي، فلما رأيت الأمور متعسرة، والأحوال متغيرة، قصدت عبد الله بن مالك الخزاعي والتمست منه أن يمدني برأيه، ويرشدني إلى باب الفرج بحسن تدبيره، فقال عبد الله بن مالك الخزاعي: لا يقدر أحد على خلاصك من محنتك وهمك وضيقك وغمك إلا البرامكة، فقلت: ومن يقدر على احتمال تكبرهم ويصبر على تجبرهم؟ فقال: تحمَّل ذلك لأجل إصلاح حالك، فنهضت من عنده ومضيت إلى الفضل وجعفر ولدي يحيى بن خالد وقصصت عليهما قصتي وأبديت لهما حالتي، فقالا: أسعدك الله بعونه وأغناك عن خلقه بمنه، وأجزل لك عظيم خيره، وقام لك بالكفاية دون غيره، إنه على ما يشاء قدير وبعباده لطيف خبير.
فانصرفت من عندهما ورجعت إلى عبد الله بن مالك ضيق الصدر متحير الفكر منكسر القلب وأعدت ما قالاه، فقال: ينبغي أن تقيم اليوم عندنا لننظر ما يقدره لله تعالى، فجلست عنده ساعة وإذا بغلامي قد أقبل وقال: يا سيدي إن ببابنا بغالًا كثيرةً بأحمالها ومعها رجل يقول: أنا وكيل الفضل بن يحيى وجعفر بن يحيى، فقال عبد الله بن مالك: أرجو أن يكون الفرج قد أقبل عليك، فقم وانظر ما الشأن، فنهضت من عنده وأسرعت عدوًا إلى بيتي، فرأيت رجلًا معه رقعة مكتوبٌ فيها: إنك لما كنت عندنا وسمعنا كلامك توجهنا بعد خروجك إلى الخليفة وعرفناه أنه أفضى بك الحال إلى ذل السؤال، فأمرنا أن نحمل إليك من بيت المال ألف درهم، فقلنا له: هذه الدراهم يصرفها إلى غرمائه ويؤدي بها دينه، ومن أين يقيم وجه نفقاته؟ فأمر لك بثلاثمائة ألف درهم أخرى، وقد حمل إليك كل واحد منا من خالص ماله ألف ألف درهم فصارت الجملة ثلاثة آلاف ألف وثلاثمائة ألف درهم تصلح بها أحوالك وأمورك، فانظر إلى هذا الكرم العظيم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق