إعلان 10

الجمعة، 8 يوليو 2016

المهدي والمختبئان

لما فرغ المهدي من بناء عيساباذ ركب في جماعة يسيرة لينظر البلد، فدخله مفاجأة وأخرج من كان هناك من الناس وبقي رجلان خفيا عن أبصار الأعوان، فرأى المهدي أحدهما وقد دُهش بالعقل، فقال: من أنت؟ قال: أنا أنا، فقال: ويلك من أنت؟ قال: لا أدري، قال: ألك حاجة؟ قال: لا لا، قال: أخرجوه أخرج الله نفسك، فلما خرج قال لغلام له: اتبعه من حيث لا يعلم فسل عن أمره ومهنته فإني أخاله حائكًا، فخرج الغلام على أثره، ثم رأى الآخر فاستنطقه، فأجاب بقلب جريء، ولسان سليط، فقال: من أنت؟ قال: رجل من أبناء رجال دعوتك، قال: من جاء بك إلى ههنا؟ قال: جئت لأنظر إلى هذا البناء الحسن فأتمتع بالنظر، وأكثر الدعاء لأمير المؤمنين بطول المدة وتمام النعمة ونماء العز والسلامة، قال: أفلك حاجة؟ قال: نعم، خطبت ابنة عم لي فردني أبوها، وقال: لا مال لك والناس يرغبون في المال، وأنا بها مشغوف ولها وامق، قال: قد أمرت لك بخمسين ألف درهم، قال: جعلني الله فداءك يا أمير المؤمنين، لقد وصلت فأجزلت الصلة ومننت فأعظمت المنة، فجعل الله باقي عمرك أكثر من ماضيه وآخر أيامك خيرًا من أولها، ومتعك بما أنعم به عليك وأمتع رعيتك بك. فأمر أن تعجل له الصلة ووجه بعض خاصته وقال: اسأل عن مهنته فإني أخاله كاتبًا، فرجع الرسولان معًا، فقال الأول: وجدنا الأول حائكًا، وقال الآخر: وجدت الرجل كاتبًا، فقال المهدي: لم تخفَ عليَّ مخاطبة الكاتب والحائك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق